دور اللوجستيات الاستهلاكية في تعزيز الربيع العربي

بقلم: محمد محبي، المدير التنفيذي، محبي لوجستكس، دبي

يعيش العالم العربي اليوم تغيرات هائلة تنبئ بالكثير من الفرص الاقتصادية الجديدة. ويمكن لقطاع اللوجستيات في بلدان الربيع العربي أن يلعب دوراً مهماً في تحفيز الازدهار الاقتصادي.

على امتداد العالم العربي، تتسارع أحداث ما بات يعرف بالربيع العربي، حاملة معها وعوداً ربما تكون هائلة في مجال النمو الاقتصادي. ومن شأن المزيد من الانفتاح أن يؤدي إلى المزيد من فرص العمل، ما يعني المزيد من الأعمال الخاصة وبالتالي تنامي الطلب على المواد الاستهلاكية. ويترافق هذا التحول مع الحاجة الماسة لإحداث تطور كبير في الخدمات اللوجستية التي تدعم آليات تزويد المنتجات.

ولعل أحد أهم العوامل التي تساعد في تحقيق هذا الهدف يتمثل في توفير المزيد من فرص العمل، ولا سيما لفئة الشباب. ففي العديد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تشهد الآن تحولات اجتماعية، يجري العمل على قدم وساق لتوسيع القاعدة الصناعية، وتعظيم فرص التعليم العالي والعمل لتحقيق مواءمة أفضل بين المهارات المعروضة وفرص العمل المتاحة.

ومن شأن المزيد من فرص العمل أن يخلق المزيد من الطلب، وأن يغذي دورة النمو على نحو مضطرد. ومن البديهي، والحالة تلك، أن يتنامى الطلب على خدمات لوجستية حقيقية من أجل توفير السلع والبضائع بالكميات المطلوبة وفي الأوقات المناسبة. ومما لا شك فيه أن الانبعاث الذي تولده ثورات الربيع العربي سيمهد الطريق لظهور مؤسسات وشركات جديدة، مما يعزز الطلب على خدمات التخزين، والتوزيع والخدمات اللوجستية الأخرى في كل من تلك البلدان.

ثمة آفاق واعدة ينبئ بها المشهد العام للمنطقة. وفي تقرير “استشراف الآفاق الاقتصادية الإقليمية” الصادر في مايو 2011 بعنوان “منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مواجهة التحديات والفرص”، يتوقع البنك الدولي “فرصا تاريخية” سيتمخض عنها الانفتاح والمشاركة الشعبية إذا ما وجدت الإدارة الرشيدة التي تحسن التعامل مع المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية في المدى المتوسط (من 3 – 5 سنوات). ويلحظ التقرير أن هذا النمو سيكون مشروطاً بزيادة الإنفاق على البنية التحتية الأساسية في المنطقة العربية بحيث تزيد على 5% أو 10% وأكثر من إجمالي الناتج القومي الإجمالي سنوياً، علماً بأن الصين تنفق حالياً 15% من ناتجها القومي على البنية التحتية.

وتشهد أوساط مصرفية دولية تحركات ومبادرات عديدة حالياً لتنظيم التمويل المتوقع لتلك المشاريع المحتملة في مجال إقامة البنى التحتية في المنطقة. ومن الواضح أن هذه الحيوية ستؤدي إلى خلق المزيد من الوظائف، وبالتالي زيادة الناتج القومي الإجمالي وضخ المزيد من الحياة في النشاط الاستهلاكي.

في حال تحققت تلك السيناريوهات، فبالإمكان نقل تجربة دبي في مجال البنية التحتية اللوجستية إلى تلك البلدان الناشئة، بما يؤدي إلى تحسين جودة الحياة فيها بوجه عام. وسيكون خبراء اللوجستيات في دبي على أتم الاستعداد للإسهام في إقامة الهياكل التحتية والمنهجيات الصحيحة في البلدان الأخرى بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مما يقلل من الفجوة التي تحول دون تطوير سلاسل توريد فاعلة ومنتجة.

وعندما تستشعر شعوب الربيع العربي مزايا الأسواق المفتوحة، فإن الطلب على المستهلكات سريعة الدوران سيتنامى بشكل دراماتيكي. وبدخول عنصر البنية التحتية اللوجستية على الخط فمن المتوقع أن نشهد تسارعاً في دورة النمو، مما يبعث على الآمال العريضة للجميع في المنطقة.