بينما لا تزال مناطق عديدة من العالم تترنح تحت وطأة أوضاع مالية تتسم بالغموض، فإن دولة الإمارات تمضي قدماً بمشروعات الطموحة في مجال البنية التحتية. فما هي الأسباب الكامنة وراء ذلك؟ الرئيس التنفيذي محمد محبي يتحدث عن الموضوع في هذه المقابلة:
باليت باور: من الواضح أن دولة الإمارات، بمشروعاتها الضخمة مثل دبي وورلد سنترال، وميناء خليفة، تتقدم بخطى حثيثة وتتحرك بإيقاع حيوي يميزها عن الآخرين. كيف يمكنكم التعليق على هذا الأمر؟
محمد محبي: إن هذه المشروعات التحتية هي ثمرة بيئة أعمال حيوية تحفز على الإبداع والابتكار وريادة الأعمال. كما أن ما ننعم به من استقرار سياسي وما تتحلى به قيادة هذا البلد من رؤية ثاقبة وإقدام لا يلين، قد سمحت لنا، كبلد، أن نركز جهودنا على الابتكار ولا سيما في مجال اللوجستيات، والسياحة، والخدمات المالية.
باليت باور: برأيكم، ما الدور الذي يلعبه الموقع الجغرافي للدولة في هذا الشأن؟
محمد محبي: نحن محظوظون لما تتمتع به دولة الإمارات من موقع على مفترق الطرق بين أوروبا الغربية والهند وآسيا، وكذلك بين كل من أفريقيا ودول الاتحاد السوفياتي السابق.
كما أننا نتمتع بموقع استراتيجي على طول الشاطئ الجنوبي لمضيق هرمز، حيث تعبر الكثير من إمدادات النفط العالمية. لدينا المساحة، ولدينا المال، ولدينا التكنولوجيا، ناهيك عن المهارات التي تمكننا من تنفيذ المشروعات بالأحجام التي يصعب مضاهاتها في مناطق أخرى من العالم. كما أن للأمر أبعاداً تاريخية كذلك.
باليت باور: أي دور يلعبه التاريخ في هذه المعادلة؟
محمد محبي: من ينظر إلى ناطحات السحاب المنتشرة في كل مكان هنا، ربما يصعب عليه تخيل أن دولة الإمارات ظهرت إلى الوجود حديثاً وبالتحديد في عام 1971، عندما تخلى البريطانيون عن سيطرتهم على ما كان يعرف آنذاك بالساحل المتصالح. في ذلك الوقت كنا منطقة متواضعة. وانطلاقاً من فهمنا لواقعنا كبلد صغير ناشئ، تأسس وفق روح من التعاون والتعاضد بين الإمارات السبع، أدركنا أن السبيل الوحيد أمامنا لتحقيق التميز يتمثل في تقديم الخدمات للآخرين.
باليت باور: يزيد عدد الوافدين على المواطنين في دولة الإمارات بواقع 9 إلى واحد. هل ترى في ذلك واحداً من محركات النمو؟
محمد محبي: بكل تأكيد! فالمجتمع الإماراتي يمتاز بالحرية والانفتاح. لقد فتحنا أذرعنا للناس من مختلف أنحاء العالم كي يأتوا ليساهموا المسيرة بما يمتلكون من طاقات وأفكار. وكنتيجة لذلك، فإنك تلحظ بوضوح الوتيرة السريعة التي تمضي بها المشاريع هنا.
الإماراتيون من أمثالي هم الأقلية هنا، ولكننا ننظر إلى أنفسنا بوصفنا نحن من يحدد الاتجاه للآخرين.. إن كلمة إماراتي مشتقة بالأساس من كلمة “أمير” وهي تعني القيادة.
نحن الإماراتيين، وفي كل مؤسسة نعمل بها، نسعى لإشاعة الإحساس بالعلاقة الدافئة والعائلية، حيث نشجع زملاءنا على الإحاطة بالصورة الكلية. إنها مقاربة فعالة في السعي لتحقيق الأهداف.
باليت باور: حسناً، مع وجود كل هذه العناصر، من مهارات شخصية، وبنى تحتية، ومعرفة وتكنولوجيا، أين تقف دولة الإمارات على مسار التقدم؟
محمد محبي: نحن نبلي بلاء حسناً، بل إن واقع الحال يشير إلى أننا في طليعة الركب. وفي عام 2011، وضع المنتدى الاقتصادي العالمي دولة الإمارات في المرتبة الرابعة والعشرين في مجال التنافسية العالمية ضمن قائمة تضم 139 بلداً. وكانت تلك المكانة أعلى بثلاثة مراكز مما حققناه في العام السابق. نحن نًصنّف ضمن الدول الأكثر تطوراً مثل الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وسويسرا، وإيرلندا. زد على ذلك أن دولة الإمارات هي الدولة العربية الوحيدة التي صُنّفت ضمن الاقتصادات القائمة على الابتكار.
إننا، ونحن البلد الصغير بحجمه، نمتلك الكثير من أسباب الفخر والعرفان تجاه قيادتنا الرشيدة، كما أننا ندرك الدور المهم الذي لعبه العديدون من أصحاب الكفاءات من شتى أنحاء العالم، والذين أسهموا في ما نحن فيه اليوم.